الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: التنبيه والإشراف (نسخة منقحة)
وقول من قال أقل من ذلك وأكثر والسبب الذي به سموا التبابعة ومن قال أن هذه السمة لم يكن يستحقها منهم إلا من ملك اليمن وحضرموت واجتمعت له طاعتهم، ومن رأى أنه إنما قيل للملك منهم تبع تشبيهاً بالظل الذي يتفيأ به وأن التبع في أصل اللغة الظل إذ كان الملوك السعداء ظلاً لرعيتهم وكهفاً لها وملجأ، واستشهادهم بقول ليلى الجهنية، وقيل قول سعدي الجهنية: يعني ارتفع الظل وقيل لمعان غير ذلك، ومن سار منهم في البلاد ووطئ الممالك ووصاياهم وعهودهم وحكمهم ومغازيهم من لدن حمير وهو الغرنجج ويسمى أيضاً زيد بن سبأ وهو عبد شمس، إلى زوال نظامهم، وانقضاء ملكهم بغلبة الحبشة عليهم والتنازع في مدة ما ملكوا من السنين من مكثر ومقلل وأقل ما قيل في مدة ملكهم ما حكاه محمد بن موسى الخوارزمي في زيجه في النجوم وغيرهم أن ذلك ألف وتسعمائة سنة وثمان وثلاثون سنة ومن تلاهم من ذوي المراتب الملوكية كالأقيال والأذواء والمثامنة والعباهلة وغيرهم، وقيل أن الأذواء لم تكن مرتبة، وإنما هي سماة لملوكهم، كذي الأذعار، وذي المنار، وذي يزن، وذي رعين، وذي نواس، وذي كلاع، وذي أصبح، وغيرهم ومن ملكته الروم من اليمن بالشأم من تنوخ والضجاعم من سليخ بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وغسان استكفاء بهم من يليهم من بادية العرب أولهم جفنة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وآخرهم جبلة بن الأيهم بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة الذي لحق بالروم بعد فتوح الشأم ومن ملكته الفرس بالحيرة من أرض العراق من بني نصر بن لخم من النعامنة والمناذرة وهم ولد عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن مالك بن غنم بن نمارة بن لخم واسمه مالك بن عدي ابن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن كهلان ليكفوا بهم من يليهم من بوادي العرب أيضاً وآخرهم النعمان بن المنذر الذي قتله كسرى أبرويز وملك الحيرة بعده أياس بن قبيصة الطائي وغيره إلى أن جاء الله بالإسلام وكان عدة من ملك الحيرة من بني نصر والعباد وغسان وتميم وكندة والفرس وغيرهم نيفاً وعشرين ملكاً ملكوا خمسمائة سنة واثنتين وعشرين سنة وشهوراً، وعمروا بن عدي هو صاحب المثل السائر كبر عمرو عن الطوق وهو ابن أخت جذيمة الأبرش الذي قتلته الزباء ابنة عامر بن ظرب وجذيمة صاحب النديمين الذين يضرب بهما المثل، وفيهما قال متمم بن نويرة اليربوعي في مرثيته أخاه مالك بن نويرة: ومن ملك من كندة على معد وغيرها أولهم معاوية بن ثور بن مرتع وهو من كندة وآخرهم حجر بن الحارث بن عمرو أبو امرئ القيس بن حجر، وهو الذي قتله بنو أسد بن خزيمة، وأخبار ولد نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد ابن الهميسع بن تيمن بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم- ربيعة ومضر وهما الصريحان من ولد إسماعيل بن إبراهيم- وإياد وأنمار مع تنازع النساب فيهما من اليمن هم أم من نزار واستشهاد من ألحق إياداً بنزار بقول أبي داود جويرية بن الحجاج الإيادي: وبقول الكميت بن زيد الأسدي: وقول نساب اليمانية إنه إياد بن أحاظة بن سعد من حمير، واستشهاد من ألحق أنماراً بنزار بقول الكميت أيضاً: وقل اليمن إنه أنمار بن أراش بن الغوث وهو الأزد بن نبت بن مالك ابن زيد كهلان وأنه ولد له سبعة من الذكور فخمسة منهم يدعون بجيلة وواحد يدعى خثعماً، وواحد ينسب والده إلى الأزد.وسبب تفرق هذه القبائل وغيرها من معد عن الحجاز، وما قالته نساب القحطانية فيمن تخلج وتنقل عن قبائلهم إلى معد وانتسبوا فيهم، وما قالته نساب المعدية فيمن تخلج أيضاً وتنقل عن قبائلهم إلى قحطان والسبب الذي لأجله انقادت القحطانية إلى تمليك الملوك عليها وأبت المعدية ذلك، إلى أن جاء الله بالإسلام، ولم سمت القحطانية أنفسها ومن تقدمها من العرب البائدة العرب العاربة وسموا معداً العرب المتعربة، وغير ذلك من فنون الأخبار وضروب السير والآثار، على الشرح والإيضاح قال المسعودي: فإذ ذكرنا اليونانيين وملوكهم وغلبة الروم عليهم ودخولهم في جملتهم، وملوك الروم على طبقاتهم من الحنفاء والمتنصرة قبل ظهور الإسلام وبعده إلى وقتنا هذا وهو سنة 345 فلنذكر الآن ما كان من الأفدية والهدن بين الروم والعرب في أيام ولد العباس إذ لم يكن في أيام بني أمية فداء معروف مشهور فنذكره بل كان يفادى بالنفر بعد النفر في سواحل الشأم ومصر والإسكندرية وبلاد ملطية وغيرها من الثغور الجزرية، إذ كانت أموية والثغور الشأمية عباسية.
حضر هذا الفداء وقام به أبو سليم فرج خادم الرشيد المتولي له بناء طرسوس ف سنة 171 للهجرة وسالم البرلسي البربري مولى بني العباس في ثلاثين ألفاً من المرتزقة، وحضره من أهل الثغور وغيرهم من أهل الأمصار وغيرهم نحو من خمسمائة ألف، وقيل أكثر من ذلك بأحسن ما يكون من العدد والخيل والسلاح والقوة، قد أخذوا السهل والجبل وضاق بهم الفضاء. وحضرت مراكب الروم الحربية بأحسن ما يكون من الزي ومعهم أسارى المسلمين، وكان عدة من فودي به م المسلمين في اثني عشر يوماً ثلاثة آلاف وسبعمائة، وقيل أكثر من ذلك وأقل. والمقام باللامس نحو من أربعين يوماً قبل الأيام التي وقع الفداء فيها وبعدها. وإنما نذكر في كل فداء يرد فيما بعد هذا الفداء الأيام التي وقع فيها الفداء لا مدة مقام الناس باللامس، إذ كان يطول ويقصر وفي هذا الفداء يقول مروان بن أبي حفصة في كلمة له طويلة يمدح بها الرشيد: الفداء الثاني: فداء ثابت في خلافة الرشيد أيضاً باللامس في سنة 192 والملك على الروم نقفور بن استبراق أيضاً، وكان القيم به ثابت بن نصر بن مالك الخزاعي أمير الثغور الشأمية، حضره مئو ألوف من الناس، وكان عدة من فودي به من المسلمين في سبعة أيام ألفين وخمسمائة ونيفاً من ذكر وأنثى الفداء الثالث: فداء خاقان في خلافة الواثق باللامس في المحرم سنة 231 والملك على الروم ميخائيل بن توفيل وكان القيم بن خاقان الخادم التركي وعدة من فودي به من المسلمين في عشرة أيام أربعة آلاف وثلاثمائة واثنين وستين من ذكر وأنثى، وقيل أربعة آلاف وسبعة وأربعين على ما في كتب الصوائف، وقيل أقل من ذلك.وفي هذا الفداء أخرج أهل زبطرة، وفيه خرج مسلم بن أبي مسلم الجرمي، وكان ذا محل في الثغور ومعرفة بأهل الروم، وأرضها، وله مصنفات في أخبار الروم وملوكهم وذوي المراتب منهم، وبلادهم وطرقها ومسالكها، وأوقات الغزو إليها والغارات عليها، ومن جاورهم من الممالك من برجان والأبر والبرغر والصقالبة والخزر وغيرهم وحضر هذا الفداء مع خاقان رجل يكنى أبا رملة، من قبل أحمد بن أبي داود قاضي القضاة يمتحن الأسارى وقت المفاداة، فمن قال منهم بخلق التلاوة، ونفى الرؤية فودي به وأحسن إليه، ومن أبى ترك بأرض الروم، فاختار جماعة من الأسارى الرجوع إلى أرض النصرانية على القول بذلك، وأبى أن يسلم الانقياد إلى ذلك، فنالته محن ومهانة إلى أن تخلص الفداء الرابع: فداء شنيف في خلافة المتوكل باللامس في شوال سنة 241 والملك على الروم ميخائيل بن توفيل، وكان القيم به شنيف الخادم مولاه، وحضر جعفر بن عبد الواحد الهاشمي القرشي القاضي، وعلي بن يحيى الأرمني صاحب الثغور الشأمية فكان عدة من فودي به من المسلمين في سبعة أيام ألفين ومائتي رجل، وقيل ألفي رجل ومائتي امرأة، وكان مع الروم من النصارى المأسورين من أرض الإسلام مائة رجل ونيف فعوضوا مكانهم عدة أعلاج، إذ كان الفداء لا يقع على نصراني ولا ينعقد الفداء الخامس: فداء نصر بن الأزهر وعلي بن يحيى في خلافة المتوكل أيضاً باللامس مستهل صفر سنة 246 والملك على الروم ميخائيل بن توفيل أيضاً وكان القيم به علي بن حيى الأرمني أمير الثغور الشأمية ونصر بن الأزهر الطائي الشيعي من شيعة ولد العباس المراسل إلى الملك في أمر هذا الفداء من قبل المتوكل وعدة من فودي به من المسلمين في سبعة أيام ألفان وثلثمائة وسبعة وستون من ذكر وأنثى وقد ذكر بعض من لحقنا أيامه من مصنفي الكتب في الكوائن والأحداث والسير والتواريخ أن فداء كان في أيام المعتز، والملك على الروم بسيل على يد شفيع الخادم في سنة 253 الفداء السادس: فداء ابن طغان في خلافة المعتضد باللامس في شعبان سنة 283 والملك على الروم أليون بن بسيل أبو قسطنطين بن أليون الملك على الروم في وقتنا هذا وكان القيم به أحمد بن طغان أمير الثغور الشأمية وأنطاكية من قبل أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون صاحب مصر وأجناد الشأم وديار مضر وغيرها وكانت الهدنة لهذا الفداء وقعت في أيام أبي الجيش في سنة 282 فقتل أبو الجيش بدمشق في ذي القعدة من هذه السنة، وتم الفداء في أيام ولده جيش ابن خماروية فكان عدة من وفدي به من المسلمين في عشرة أيام ألفين وأأربعمائة وخمسة وتسعين من ذكر وأنثى، وقيل ثلاثة آلاف رجل الفداء السابع: فداء رستم ويعرف بفداء الغدر في خلافة المتفي باللامس في ذي القعدة سنة 292 والملك على الروم أليون بن بسيل أيضاً، القيم به رستم ابن بردو الفرغاني أمير الثغور الشأمية، وكان عدة من فودي به من المسلمين في أربعة أيام ألفاً ومائة وخمسة وخمسين من ذكر وأنثى، ثم غدر الروم وانصرفوا ببقية الأسارى الفداء الثامن: فداء رستم أيضاً ويعرف بفداء التمام في خلافة المكتفي أيضاً باللامس في شوال سنة 295 والملك على الروم أليون أيضاً- القيم به رستم بن بردو، وكان عدة من فودي به من المسلمين ألفين وثمانمائة واثنين وأربعون من ذكر وأنثى الفداء التاسع: فداء مؤنس في خلافة المقتدر باللامس في شهر ربيع الآخر سنة 305 والملكان على الروم قسطنطين بن أليون ملكهم في وقتنا هذا وأرمانوس. وقسطنطين يومئذ صغير في حجره، وكان القيم به مؤنس الخادم وبشرى الخادم الأفشيني أمير الثغور الشأمية وأنطاكية، والمتوسط له والمعاون عليه أبو عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي التميمي الأذني، وعدة من فودي به من المسلمين في ثمانية أيام ثلاثة آلاف وثلاثمائة وستة وثلاثون من ذكر وأنثى الفداء العاش: فداء مفلح في خلافة المقتدر أيضاً باللامس في رجب سنة 313 والملكان على الروم قسطنطين وأرمانوس وكان القيم به مفلح الخادم الأسود المقتدري وبشرى خليفة ثمل الخادم الدّلفى على الثغور الشأمية، وعدة من فودي به من المسلمين في تسعة عشر يوماً ثلاثة آلاف وتسعمائة وثلاثة وثمانون من ذكر وأنثى.الفداء الحادي عشر: فداء ابن ورقاء في خلافة الراضي باللامس في سلخ ذي القعدة وأيام من ذي الحجة سنة 326 والملكان على الروم قسطنطين وأرمانوس وكان القيم به ابن ورقاء الشيباني من قبل الوزير الفضل بن جعفر بن الفرات وبشرى الثملي أمير الثغور الشأمية وكان عدة من فودي به من المسلمين في ستة عشر يوماً ستة آلاف وثلاثمائة ونيفاً من ذكر وأنثى، وفضل في أيدي الروم من المسلمين ثمانمائة رجل ردوا وفودي بهم على نهر البدندون في مرارشتى، وزيد في الهدنة بعد انقضاء الفداء مدة ستة أشهر، لأجمل من تخلف في أيدي الروم من المسلمين، حتى جمع الأسارى لهم الفداء الثاني عشر: فداء ابن حمدان في خلافة المطيع باللامس في شهر ربيع الأول سنة 335 والملك على الروم قسطنطين وكان القيم به نصر الثملي أمير الثغور الشأمية من قبل أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان صاحب جند حمص وجند قنسرين وديار مضر وديار بكر والثغور الشأمية والجزرية وكان عدة من فودي به من المسلمين ألفين وأربعمائة واثنين وثمانين من ذكر وأنثى وفضل للروم على المسلمين قرضاً مائتان وثلاثون، لكثرة من كان في أيديهم، فوفاهم أبو الحسن ذلك وحمله إليهم وكان الذي شرع في هذا الفداء وابتدأ به الإخشيذ محمد بن طغج أمير مصر والشأم والثغور الشأمية، وكان أبو عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني شيخ الثغر والمنظور إليه منهم قدم إليه إلى دمشق في ذي الحجة سنة 334 ونحن يومئذ بها ومعه يوانس الأنسيبطوس البطريقوس المسدقوس المترهب، رسول ملك الروم في إتمام هذا الفداء، وكان ذا رأي وفهم بأخبار ملوك اليونانيين والروم، ومن كان في أعصارهم من الفلاسفة، وقد أشرف على شيء من آرائهم والإخشيذ حينئذ شديد العلة فتوفي يوم الجمعة لثمان خلون من ذي الحجة من هذه السنة وسار أبو المسك كافور الإخشيذي بالجيش راجعاً إلى مصر، وحمل معه أبا عمير والمسدقوس إلى بلاد فلسطين، فدفع إليهما ثلاثين ألف دينار من مال هذا الفداء، وصارا إلى مدينة صور فركبا في البحر إلى طرسوس فإلى ما وصلا إليها كاتب بشرى الثملي أمير الثغور الشأمية أبا الحسن بن حمدان ودعا له على منابر الثغور الشأمية، فجد في إتمام هذا الفداء فعرف به ونسب إليه قال المسعودي وهذا آخر فداء كان بين المسلمين والروم إلى وقتنا المؤرخ به كتابنا، وقد ذكرت أفدية غير هذه لم نجد لها حقيقة؛ لا اشتهر أمرها، ولا استفاض خبرها منها فداء كان في أيام المهدي على يد المعروف بالنقاش الأنطاكي، ومنها فداء كان في أيام الرشيد في شوال سنة 181 على يد عياض بن سنان أمير الثغور الشأمية، وفداء كان على يد ثابت بن نصر في أيام الأمين في ذي القعدة سنة 194، وفداء كان في أيام المأمون في ذي القعدة سنة 201 على يد ثابت أيضاً، وفداء كان في أيام المتوكل سنة 247 على يد محمد بن علي، وفداء كان في أيام المعتمد في شهر رمضان سنة 258 على يد شفيع ومحمد بن علي والصحيح منها والمعول عليه هو ما رسمناه دون ما عداه، وقد ذكرنا في كتاب فنون المعارف، وما جرى في الدهور السوالف وفي كتاب الاستذكار، لما جرى في سالف الأعصار شرح هذه الأفدية ومن حضرها وكيفية وقوعها ومن ترسل فيها وتوسطها بين المسلمين والروم وشروطها ومقادير النفقات فيها وهدنها وما كان بين المسلمين والروم من المغازي في البر والبحر من الصوائف والشواتي والربيعيات وما جرى بين الروم وبرجان والبرغر والترك وغيرهم من الوقائع المشهورة والحروب المذكورة، وغير ذلك فلنذكر الآن جامع تاريخ العالم والأنبياء والملوك وما اتصل بذلك. |